29 - 06 - 2024

إيقاع مختلف | "أكاد من فرط الجمال أذوب"

إيقاع مختلف |

(أرشيف المشهد)

31-12-2014 | 13:28

كيف يمكن أن يكون جنوب مصر بهذا الألق كله ثم يظل مبتعداً أو مبعداً عن صدارة الصورة فلا يأخذ مكانه إلى جوار بقية وحدات الموزاييك الثقافى والحضارى المصرى المدهش؟

كان هذا هو السؤال الذى ألح على ذهنى وأنا أتأمل المشهد فى مؤتمر أدباء مصر فى دورته التاسعة والعشرين (دورة الأديب الكبير الراحل قاسم مسعد عليوه) التى عقدت فى أسيوط.

أربعمائمة من خيرة مبدعى مصر فى كل محافظاتها أتوا إلى هنا ليلتقى بهم هذا العدد أو يزيد من أدباء أسيوط والمنيا وما حولهما ليقيم الجميع حفل تتويج للبهجة، كنت أتساءل عن ذلك السر المدهش الساكن فى قلب الشخصية المصرية، هذا السر الذى يجعل المصريين وهم يجيبون عن سؤال الحرية يمارسون طقوس الحياة بكل ألوانها، ربما لأنهم يعرفون أن الأسئلة ليست طارئة، بل هى أسئلة متجددة ودائمة، لذلك كان على المصرى أن يغنى وأن يفكر وأن يتناقش وأن يختلف وأن يتفق وأن يبتهج فى أثناء معاركه الكبرى التى يحاول فيها الحفاظ على هويته وتأكيد ملامح هذه الهوية.

"الأدب وثقافة الاختلاف" كان هذا هو العنوان الأكبر للمؤتمر، وكان له محاور شتى، من بينها: قضايا المهمشين اجتماعياً وثقافياً، فضلاً عن قضايا الآخر، والهوية، والامتدادات الإفريقية لمصر...و.... وكم دارت من نقاشات، وكم طرحت من رؤى، وكم ألقيت من قصائد وإبداعات، كل ذلك فى جو احتفالى مسكون بصوت الشيخ محمود التهامى وهو ينشد "أكاد من فرط الجمال أذوب".

قاسم مسعد عليوة لم يكن مجرد اسم يتردد فى المؤتمر بل كان حضوراً باذخاً يؤكد أن الحقيقيين لا يذهبون، والإبداع فى أسيوط كان حاضراً على أكثر من مستوى وأكثر من صورة من تجليات الإبداع، كذلك كان صمود الشعب الفلسطينى حاضراً بقوة وجمال وفهم لجوهر القضية الراسخ الثابت الذى لا يتغير بتغير الظرف السياسى الطارىء، حيث كانت المائدة المستديرة التى أقيمت حول دعم صمود الشعب الفلسطينى هى الأكثر كثافة فى الحضور والمناقشة، وذلك فى تأكيد عملى على أن الوعى لم يزيف وأن الرؤية لم تغم، وأن القضايا الكبرى للأمة مازالت على نصاعتها وسطوعها فى القلوب والعقول.

ثلاثة أيام عامرة بمصر الحية المتدفقة الممتلئة بالحيوية والحياة قضاها مبدعو مصر فى قلب أسيوط مؤكدين أن الثقافة والمثقفين مازالوا العنصر الأكبر والأهم من عناصر قوة مصر الحقيقية.

ودعنا أسيوط فى ختام المؤتمر وأنا أحمل رغبة جامحة فى أن يذهب هؤلاء جميعا قريباً إلى دمياط –محافظتى الأم- ليروا تنويعة جديدة على الجمال المصرى، ونغمة جديدة من نغمات الإبداع المصرى.

مقالات اخرى للكاتب

جِيل من الصور الطلِيقَة





اعلان